Monday, September 23, 2019

الأضواء الاصطناعية في المستشفيات قد تمنع المرضى من النوم وتؤثر على سرعة التئام الجروح

وقد تؤدي الأضواء الاصطناعية ليلا في المستشفيات والنوافذ الصغيرة التي تحول دون دخول ضوء النهار إلى اختلال الإيقاع الحيوي اليومي وتمنع المرضى من النوم.
فضلا عن أن بعض الأدوية، مثل المورفين، تؤدي إلى اختلال الساعة البيولوجية وقد يحول الألم والقلق والضجيج دون نوم المريض. وكل هذه العوامل قد تعوق شفاء المريض وتقلل فرص بقائه على قيد الحياة.
ويؤثر الإيقاع اليومي تحديدا على فرص تعافي ونجاة مرضى القلب. فإن الجهاز القلبي الوعائي، كسائر الأنسجة، محكوم بالإيقاع الحيوي اليومي، إذ يتباطأ معدل دقات القلب وينخفض ضغط الدم أثناء النوم ويرتفعان بشدة عند الاستيقاظ، وتكون الصفائح الدموية أكثر سمكا أثناء النهار، وترتفع نسب هرمون أدرينالين الذي يقبض الأوعية الدموية ويؤدي إلى تسارع ضربات القلب، في الدم أثناء النهار. وكل هذه الاختلافات تجعل المريض أكثر عرضة للإصابة بالنوبات القلبية على سبيل المثال في أوقات معينة من اليوم.
وتقول مارتينو: "في أقسام الطوارئ يلاحظ أن أغلب إصابات النوبات القلبية تحدث بين السادسة صباحا ووقت الظهيرة".
وأشارت دراسة حديثة إلى أن المرضى الذين يخضعون لجراحة استبدال صمام القلب بعد الظهر أقل عرضة للإصابة بنوبات قلبية لمدة 500 يوم بعد الجراحة، بمقدار النصف مقارنة بالمرضى الذين يخضعون لها صباحا.
وأثبتت دراسات أخرى أن المرضى الذين يعالجون من نوبات قلبية أو يتعافون من جراحات القلب في غرف مشمسة تزيد فرصهم في البقاء على قيد الحياة ويخرجون من المستشفي في وقت أسرع، مقارنة بأقرانهم الذين يعالجون في غرف مظلمة.
وقد تكشف الدراسات التي أجريت على حيوانات عن أسباب هذا الاختلاف. وفي إحدى الدراسات عرّضت مارتينو وفريقها مجموعة فئران لتعاقب الليل والنهار الطبيعي بينما تعرضت المجموعة الأخرى لدورات غير منتظمة للضوء والظلام بعد إصابة المجموعتين بنوبة قلبية مستحثة.
ولاحظ الفريق فروقا كبيرة بين المجموعتين في عدد الخلايا المناعية التي تتدفق إلى القلب وأنواعها وكمية الأنسجة الندبية ومعدل النجاة.
وكشفت دراسات أخرى عن تفاوت أعداد الخلايا المناعية التي تخترق نسيج القلب المصاب، باختلاف الوقت الذي وقعت فيه الإصابة.
وتقول مارتينو، إن المرضى الذين ينقلون إلى أقسام الطوارئ جراء إصابتهم بنوبات قلبية أو سكتة دماغية، قد يتعرضون للضوء الساطع ليلا في المستشفيات، وهذا قد يؤثر سلبا على إيقاعهم الحيوي اليومي ونمط نومهم خلال الفترة الحرجة اللاحقة للإصابة التي تتوقف عليها فرص المريض في التعافي.
وقد يكون الحل في تحديد موعد الجراحة في الوقت الذي يكون فيه الجسم مستعدا لتحمل آثارها. إذ يعد وقت الظهيرة هو الوقت الأمثل لإجراء عمليات القلب. رغم أن الدراسة التي أجراها أونيل تشير إلى أن الإصابات التي تحدث أثناء النهار تستحث إنتاج كميات أكبر من الكولاجين الذي يقترن بتكوين الندوب.
ويقترح أونيل إجراء الجراحات التجميلية أثناء الليل لأنها ستخلف ندوبا أقل وإن كان التعافي منها سيستغرق وقتا أطول.
ويجري الأطباء في مستشفى غلوستروب في كوبنهاغن بالدنمارك تجارب على نظام إضاءة يحاكي دورة الليل والنهار الطبيعية، بحيث تتفاوت شدته على مدار اليوم. وأوضحت النتائج حتى الآن في قسم إعادة تأهيل مرضى السكتة الدماغية، أن الإيقاع الحيوي اليومي لدى المرضى أصبح أكثر دقة استجابة لنظام الإضاءة، وانخفضت معدلات القلق والاكتئاب بين المرضى.
ومن الممكن أيضا تصميم عقاقير لتثبيت الإيقاع الحيوي لدى المرضى في المستشفيات قبل إجراء الجراحة لتحديد الوقت الأمثل للتعافي.
وتقول مارتينو: "أتوقع أن تعالج أمراض القلب مستقبلا بأقراص ضبط الإيقاع الحيوي وأساليب العلاج التي تعتمد على التعرض للضوء أو الظلام".
والخلاصة أن الضوء والنوم وتعاقب الليل والنهار، تلك الأشياء التي نحصل عليها دون عناء، قد تحدث ثورة في الرعاية الصحية.